يقصد بـالشعر العربي أي شعر كتب باللغة العربية، بشرط أن يكون موزونا ومقفى، فالوزن شرط لازم في جميع أنواع الشعر، القديم والحديث، على حد سواء، بما فيه الشعر المعاصر، باستثناء ما يسمى بقصيدة/النثر، أما القافية فهي لازمة في معظم أنواع الشعر القديم، لكن الشعر الحديث أخذ يقلص من دور القافية الخارجية، فاستعمل الشعر المرسل، أي الشعر دون تقفية خارجية، وإن كان قد سعى، في الواقع، إلى تعويضها بنوع من التقفية الداخلية، التي لايمكن الاستغناء عنها، بالنسبة لأي نوع من أنواع الشعر، وفي أي فترة من فترات الشعر العربي، جاهلي أو إسلامي أو أموي أو عباسي أو أندلسي أو حديث
وكان الشعر العربي، في عهد الجاهلية، ديوان العرب، وعلمهم الذي لم يكن لهم علم أصح منه. واستمر بعد تلك الحقبة فنا أدبيا بارزا إلا أنه نوفس من قبل العديد من الفنون الأخرى مثل الخطابة والرسائل وغيرها.
ما يميز الشعر العربي أنه قد التزم بالوزن والقافية، في مجمل أنماطه، وفي مختلف أجياله، وإن جاءت بعض المحاولات المعاصرة خالية من الوزن والقافية، إلا أنها في الواقع محاولات لايمكن أن تحسب على الشعر في شيء، لكونها سقطت في مجال النثر، لأن أبرز ما يفرق بين الشعر والنثر هو الوزن، ولا شيء آخر غير الوزن...! وما عدا ذلك فهي عناصر مشتركة بينهما...!
الشعر في الجاهلية كان وسيلة العربية، وكانت العرب تقيم الأفراح إن برز من أبنائها شاعر مبدع، فالشعر عند العرب قديما كان يرفع من شأن قبيلة ويحط من قيمة أخرى. وكان الشعر، في صدر الإسلام، وسيلة من وسائل الدفاع عن رسالة الإسلام ضد مشركي قريش. كما كان الشعر، في عهد بني أمية، وفي عصر العباسيين، وسيلة من وسائل الفرق السياسية والفكرية المتنازعة، قصد تبليغ آرائها، والدفاع عن مبادئها، في مواجهة خصومها.
وهكذا كان للشعر العربي دور بارز في الحياة الأدبية والفكرية والسياسية، وهو يتطور حسب تطور الشعوب العربية والإسلامية، وحسب علاقاتها بالشعوب الأخرى، من فرس وروم وبربر وغيرها. وبرزت في الشعر فنون جديدة متطورة، من حيث المضمون، ومن حيث الأسلوب واللغة، ومن حيث الأوزان والقوافي، وما إليها، حيث ظهر إلى جانب شعر الوصف، وشعر الأطلال، شعر الغزل العذري، والشعر السياسي، والشعر الصوفي، والشعر الاجتماعي والوطني، وشعر الموشحات، والشعر المعاصر
المدارس الشعرية العربية في العصر الحديث
المدرسة الاتباعية
وتعرف باسم مدرسة البعث والإحياء الكلاسيكيه. من أهم روادها: البارودي, أحمد شوقي، أحمد محرم، محمد عبد المطلب، حافظ إبراهيم،عبد العزيز مصلوح، بشاره الخوري، شفيق جبري، أحمد السقاف مع فروق فردية بين هؤلاء الشعراء تتوقف على ثقافتهم واستعدادهم ومدى حظهم من التجديد.
من ملامحها:
تعدد المجالات ( السياسي – الاجتماعي – المجال الادبي الوجداني المتعدد والفردي كالرثاء والمدح
ظهور المسرحية الشعرية على يد أحمد شوقي.
لا زال القديم والتقليد يغلبان على افكارها.
نسق الافكار مرتب . وحملت كذلك سمات الاقناع الوجداني.
ظهور شخصية الشعراء مع اختلاف في مدى ذلك بين شاعر وشاعر.
تتميز الصور غالبا في الخيال الجزئي التفسيري الحسي.
تعني في تعبيرها بالجزاله ومتانة السبك ، والصحه اللغوية مع شيء من الموسيقى الظاهره المتمثله بالمحسنات دون تكلف.
عدم اكتمال الوحدة العضوية في هذه المدرسة فالبيت لايزال يمثل وحده مستقلة في القصيده.
محافظتها التامة على وحدة الوزن والقافية.
وهي ثمرة اتصال العرب بالعالم الغربي, وظهرت لتكون تعبيرا صادقا عن الذاتيه ، والوجدان ، والشخصية الفنية المستقله ، ورفضها للنهج التقليدي السائد في مدرسة الاحياء الكلاسيكية. من روادها: خليل مطران،
أبو القاسم الشابي، إيليا أبو ماضي، عمر أبو ريشة، فهد العسكر
- من ملامحها
- الفرار من الواقع ، واللجوء للطبيعة ومناجاتها والتفاعل معها واستشراف عالم مثالي.
- تمتاز الافكار لدى شعراءها بالاصالة والتجديد والتحليق في عالم الفلسفة والعمق الوجداني.
- ظهور ذاتية الشاعر.
- يجنحون إلى الخيال إلى حد بعيد فالشعر عندهم لغة العاطفة والوجدان والخيال المحلق وخيالهم الجزئي فيه ابداع وطرافه
- تمتاز هذه المدرسة بالصور الشعرية الممتده.
- .التعبير يمتاز بالظلال والايحاء ولفظه حيه نابضه فيها رقه وعذوبه, كما يبدو التساهل اللغوي عند بعض شعراءهم وبخاصة شعراء المهجر
- الوحدة العضوية بارزة في القصيدة ، حيث تسود وحدة المقطع لا وحدة البيت ووحدة الجو النفسي للقصيدة متناسقة مع مواقفها.
- لا يلتزم كثير من شعراءها بوحدة الوزن والقافية ، فقد تتنوع القافية بتنوع المقاطع وقد يلتزمون بنوع التفعيلة دون الالتزام بوحدة عددها.
-
مدرسة الشعر الجديد الواقعية
- وهي طريقة من التعبير عن نفسية الإنسان المعاصر، وقضاياه، ونزوعاته، وطموحه، وآماله، وقد ظهرت لعوامل متعدده منها الرد على المدرسة الابتداعية " الرومانسية" الممعنه في الهروب من الواقع إلى الطبيعة والى عوالم مثالية.من روادها: صلاح عبد الصبور، أحمد عبد المعطي حجازي، محمد الفيتوري، أدونيس (شاعر) ، بدر شاكر السياب ومن منتسبي هذه المدرسة الدكتور مهنا أبو غنيمة. اغاني طائر النورس
- من ملامحها:
- الإنسان فيها جوهر التجربه، والإنسان بمعاناته وحياته اليوميه وقضاياه النفسية والاجتماعية والسياسية
- الجنوح إلى الاسطوره، والرمز، والتراث الشعبي، والإشارات التاريخية
- تأثره بروافد مسيحية وصوفية ووثنيه وابتداعية " رومانسية "
- تعرية الزيف الاجتماعي والثورة على التخلف
- الوحدة العضوية مكتملة، فالقصيدة بناء شعوري متكامل يبدأ من نقطه بعينها ثم يأخذ بالنمو العضوي حتى يكتمل.
- قد يسير على وتيرة واحدة في الوزن والقافية، أو على نظام المقطوعات وشعر التفعيلة، أو قد لايسير على أي نمط محدد
- ينقسم لقسمين
أ – شعر واضح : يتحدث فيه الشاعر ببساطه وعفوية ولغة تقترب من للغة التخاطب اليومي. أحمد عصام
ب – شعر سريالي"غير واضح " : ويتميز بالغموض ، والاغراق بالابهام والرمز والاسطوره ويستعصي الكثير منه على التحليل والتقويم والنقد بمقاييسنا المألوفه
امرؤ القيس
امرؤ القيس بن حجر من بلاد اليمن و هو أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي، وأحد أصحاب المعلقات السبعة المشهورة. كان من أكثر شعراء عصره خروجاً عن نمطية التقليد، وكان سباقاً إلى العديد من المعاني والصور. وامرؤ القيس صاحب أوليات في التشابيه والإستعارات وغير قليل من الأوصاف والملحات. وقد تأثر بوقفة ابن خزام الطللية، وسار يستخدمها في مطالع قصائده، التي اشتهر بها.
نسبه
تباين المؤرخون الإخباريون في نسبه، بفعل تباين إتجاهات أصحاب الأنساب إلا أنهم يتفقون في نسبته إلى قبيلة كندة
اسمه وكناياته حسب أراء الرواة
- يذكر صاحب الأغاني عن أبي عبيدة، أن امرأ القيس كان يكنى أبا الحارث، ويذكر غيره انه كان يكنى أبا وهب
- ذكر صاحب بغية الطلب - الوزير ابن القاسم المغربي - أن اسمه حندج، وامرؤ القيس لقب غلب عليه لما أصابه من تضعضع الدهر ومعناه رجل الشدة
- ويذهب الأب لويس شيخو نقلاً عن مؤرخي الروم أن اسمه "قيس" وأنه مذكور بهذا الاسم، وأنه كان يقال له "الملك الضليل" وقيل له "ذي القروح" وفي ذلك قول الفرزدق
قد ذكر بعض المؤرخين أن اسمه ونسبه هو (امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كذرة بن عفير بن الحارث بن مرة بن أدد بن عمرو بن مسمع بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان) وأمه فاطمة بنت ربيعة أخت كليب والمهلهل. وكان أبوه حجر ملكاً على بني أسد غطفان وأحد ملوك كندة
ولادته تاريخاً
- يذهب لويس شيخو إلى أن امرأ القيس ولد في نجد سنة 520 م
-
يذكر صاحب الروائع أن ولادته سنة 500م وعلّق على ما قاله شيخو بصدد تاريخ ولادته قائلاً: قد رجعنا...ما يذكره
مؤرخو الروم عن شاعرنا، وقارنا بين حوادث حياته وماجرى على عهده في البلاد العربية... فرأينا أن نأخذ برأي دي برسفال
الجاعل ولادته حول سنة 500م ووفاته حول 540م
نشأته
- كان امرؤ القيس أكثر أخوته قوة وشخصية وميلاً إلى الإندفاع الذاتي، متمتعاً مع ذلك بذهن ذكي وقلب ما زال يوجهه حتى برز على سائر شعراء عصره آنذاك.
امرؤ القيس قبل مقتل أبيه
قال ابن قتيبة : هو من أهل كندة من الطبقة الاُولى. كان يعدّ من عشّاق العرب، ومن أشهرمن أحب هي فاطمة بنت العبيد العنزية التي قال فيها في معلّقته الشهيرة
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
و إن تك قد ساءتك مني خليقةٌ فسلي ثيابي من ثيايك تغسل
أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل
و أنك قسمت الفؤاد فنصفه قتيلٌ ونصفٌ بالحديد مكبل
و ما ذرفت عيناك إلا لتضربي بسهمك في أعشار قلب مقتل
و بيضة خدرٍ لا يرام خباؤها تمتعت من لهو بها غير معجل
تجاوزت أحراساً إليها ومعشراً علي حراصاً لو يسرون مقتلي
إذا ما الثريا في السماء تعرضت تعرض أثناء الوشاح المفضل
فجئت، وقد نضت لنوم ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضل
فقالت يمين الله، ما لك حيلةٌ وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
خرجت بها أمشي تجر وراءنا على أثرينا ذيل مرطٍ مرحل
- ونشأ امرؤ القيس ميالا الى الترف واللهو شأن اولاد الملوك وكان يتهتك في غزله ويفحش في سرد قصصه الغرامية وهو يعتبر من أوائل الشعراء الذين ادخلوا الشعر الى مخادع النساء
- سلك امرؤ القيس في الشعر مسلكاً خالف فيه تقاليد البيئة، فاتخد لنفسه سيرة لاهية تأنفها الملوك كما يذكر ابن الكلبي حيث قال
كان -أي الشاعر- يسير في أحياء العرب ومعه أخلاط من شذاذ العرب من طيء وكلب وبكر بن وائل
فإذا صادف غديراً أو روضة أو موضع صيد أقام فذبح وشرب الخمر
وسقاهم وتغنيه قيانة، لايزال كذلك حتى يذهب ماء الغدير ويبتقل عنه إلى غيره
- وما جعل والده يغضب أنه كان يبكي الأطلال ويقول الشعر في سن مبكرة، ويغير على أحياء العرب مع أصدقائه الشذاذ وهو لا يزال صغيراً، فطرده والده من كنفه، وراح يعيش حياته العابثة من جديد
نهاية حياته
لم تكن حياة امرؤ القيس طويلة بمقياس عدد السنين ولكنها كانت طويلة وطويلة
جدا بمقياس تراكم الإحداث وكثرة الإنتاج ونوعية الإبداع. لقد طوف في معظم إرجاء ديار العرب وزار كثيرا من
مواقع القبائل بل ذهب بعيدا عن جزيرة العرب ووصل إلى بلاد الروم إلى القسطنطينية ونصر واستنصر
وحارب وثأر بعد حياة ملأتها في البداية باللهو والشراب ثم توجها بالشدة والعزم إلى أن تعب جسده
وأنهك وتفشى فيه وهو في أرض الغربة داء كالجدري أو هو الجدري بعينه فلقي حتفه هناك في أنقرة في سنة لا يكاد يجمع على تحديدها
المؤرخون وان كان بعضهم يعتقد أنها سنه 540م
لقد ترك خلفه سجلا حافلا من ذكريات الشباب وسجلا حافلا من بطولات الفرسان وترك مع هذين السجلين ديوان شعر ضم بين دفتيه عددا من القصائد والمقطوعات التي جسدت في تاريخ شبابه ونضاله وكفاحه. وعلى الرغم من صغر ديوان شعره الذي يضم الآن ما يقارب مئة قصيدة ومقطوعة إلا أنه جاء شاعراً متميزاً فتح أبواب الشعر وجلا المعاني الجديدة ونوع الإغراض واعتبره القدماء مثالا يقاس عليه ويحتكم في التفوق أو التخلف إليه
ولذلك فقد عني القدماء بشعره واحتفوا به نقداً ودراسة وتقليداً كما نال إعجاب المحدثين من العرب والمستشرقين، فأقبلوا على طباعته منذ القرن الماضي، القرن التاسع عشر في سورية ومصر وفرنسا وألمانيا وغيرها من البلدان التي تهتم بشؤون الفكر والثقافة.
أقوال فيه
- اعترف له الفرزدق بأنه أشعر الناس
--------------------------------------------------------------